كلمة المدير

كلمة المدير

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحابته الأكرمين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،

أمّا بَعدُ؛

لوصيف لخضر، باعلي عبد العزيز، غزال علي، بنهار عبد القادر زبوج محمد، العايب حسين، العمري دحمان، فطيمة بداروآخرون كثُيرٌ عددهم بقدر كثرة جرائم فرنسا في الجزائر؛ أسماءٌ تدعونا لِنَقِف اليوم دقيقة صمت في هذا اليوم المشهود؛ لإحياء حدث أليم معدود، محفوظ لأكثرَ من خمسة عُقود، ذكراه لاتزال أمامنا ماثلة ، وجِراحه لا تزال ندِيّة لم تندمل، إنَّها ذِكرى مجازر السابع عشر من أكتوبر سنة 1961م.

إذ كانت فرنسا الاستعمارية بإيعازٍ من السّفّاح موريس بابونقد فرضت على الجزائريين في باريس وضواحيها حظر التجوُّل في الخامس من أكتوبر سنة 1961م؛ لتشديد الخناق على خلايا الثورة في فرنسا، فخرج آلاف الجزائريين بتنسيقٍ من جبهة التحرير الوطني في مسيرة سلمية حاشدة؛ بلغ قوامها أكثر من 30 ألف جزائري مقيم بفرنسا، حيث تجمّعوا غداة السابع عشر من أكتوبر 1961م، في يومٍ مطيرٍ أمام قاعة الأوبرا، وغطَّوا معظم شوارع باريس، وانطلقوا رافعين شعارات السلم ونبذ العنصرية المقيتة التي استهدفتهم بإلزامهم بيوتهم وغلق محلّاتهم من المغرب إلى الفجر، غير أنّ يد الغدر الفرنسية وآلة إبادته الحربية فتحت أبواب الجحيم على المواطنين العُزَّل؛ بأَمرٍ من السفّاحِ موريس بابون، الذي طاف كلّ أرجاء باريس مُحرّضا على القتل والإبادة لِتُبْدِعَ آلة القتلِ الفرنسية في رسم المشهد الأكثر مأساوية ودموية في تاريخ العاصمة باريس، والضحيّة دوما هم الجزائريون.

لقد استعمل البوليس والحركى في قمع هذه المسيرة السلمية كلّ أدوات القتل؛ من العصِيّ والذخيرة الحيّة، والقنابل المسيلة للدموع، فقتلوا ما استطاعوا من المتظاهرين الجزائريين العُزّل، ورموا الكثير منهم في نهر السّين أحياءً لِيَلقوا حتفهم غرقا، ومن نجا منهم طالته بنادق البوليس، أو اقتيدوا للسجون.

لقد أسفرت عملية القمع الفرنسية هذه عن سقوط أكثر من 300 شهيد، صرّحت فرنسا بثلاثة منهم فقط، وأكثر من2400 جريح، فيما فاق عدد المعتقلين 1200 معتقل، ورَميِ ما يَزيد عن 1500 جزائريّ في البحر الأبيض المتوسّط تحت غطاء ترحيلهم جوّا إلى ديارهم، ناهيك عن أكثر من 800 مفقود.

وإذ نقفُ اليومَ هذا المَوقِفَ الحزينَ الذي يُعيدُ إلى أَذهاننا هولوكوست فرنسا الاستدمارية الحاقدة في أَبشعِ صُوَره، ويُجَلّي أمامنا تضحياتِ الأبطال الأجلادِ الأمجادِ من آبائِنا وأمّهاتِنا، فإنّنا نُحيي مجدا تليدا من التّضحيات الجسام، ويوما من الأيّامِ العِظام، التي شكّلت ذاكرتنا الوطنية الفريدةَ؛ ولنذكّر فرنسا في الوقت ذاته أنّنا قوم لا ننسى، وأنّ جرائمها وجراحها في أجساد آبائنا ووطننا لا تزال نَزِفَةً دامية، ودُموعَ الثّكالى من ضحايا مجازِرِها لا تزال جاريةً هامِية. وأنَّ صفحاتها السوداء في تاريخ الأمّة الجزائرية العريقة وإن طُوِيَت فِإنّها أبدا لن تُنسى.

تحيا الجزائر حرّة مستقلة

المجد الخلود لشهدائنا الأبرار.

والسّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته.